بعض حكايات تتعلق بالكرامأما حكايات الكرام فإنها
كثيرة جداً منها ما روي عن حاتم الطائي أنه لما مات دفن في رأس جبل وعملوا على
قبره حوضين من حجر وصور بنات محلولات الشعر من حجر وكان تحت ذلك الجبل نهر جار
فإذا نزلت الوفود يسمعون الصراخ في الليل من العشاء إلى الصباح فإذا أصبحوا لم
يجدوا أحد غير البنات المصورة من الحجر فلما نزل ذو الكراع ملك حمير بذلك الوادي
خارجاً من عشيرته بات تلك الليلة هناك. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام
المباح.
وفي الليلة السابعة عشر بعد الثلاثمائة قالت: بلغني أيها الملك السعيد
أن ذا الكراع لما نزل بذلك الوادي بات تلك الليلة هناك وتقرب من ذلك الموضع فسمع
الصراخ فقال: ما هذا العويل الذي فوق الجبل؟ فقالوا له: إن هذا قبر حاتم الطائي
وإن عليه حوضين من حجر وصور بنات من حجر محلولات الشعور وكل ليلة يسمع النازلون
هذا العويل والصراخ فقال ذا الكراع ملك حمير يهزأ بحاتم الطائي: يا حاتم نحن
الليلة ضيوفك ونحن خماً فغلب عليه النوم ثم استيقظ وهو مرعوب وقال: يا عرب الحقوني
وأدركوا راحلتي فلما جاءوه وجدوا الناقة تضطرب فنحروها وشووا لحمها وأكلوه ثم
سألوه عن سبب ذلك فقال: إني نمت فرأيت حاتم الطائي في المنام قد جاءني بسيف وقال:
جئنا ولم يكن عندنا شيء وعقر ناقتي بالسيف ولو لم تنحروها لماتت.
فلما أصبح الصباح ركب ذو الكراع راحلة واحد من أصحابه ثم أردفه خلفه فلما كان في
وسط النهار رأوا راكباً على راحلة وفي يده راحلة أخرى فقالوا له: من أنت؟ قال: أنا
عدي بن حاتم الطائي ثم قال: أين ذو الكراع أمير حمير؟ فقالوا له: اركب هذه الناقة
عوضاً عن راحلتك فإن ناقتك نحرها أبي لك قال: ومن أخبرك؟ قال: أتاني في المنام في
هذه الليلة وقال لي: يا عدي إن ذو الكراع ملك حمير استضافني فنحرت له ناقته فأدركه
بناقة يركبها فإني لم يكن عندي شيء فأخذها ذو الكراع وتعجب من كرم حاتم حياً
وميتاً.
ومن حكايات الكرام أيضاًما يروى عن معن بن زائدة
أنه كان في يوم من الأيام في الصيد والقنص فعطش فلم يجد مع غلمانه ماء فبينما هو
كذلك وإذا بثلاث جوار أقبلن عليه حاملات ثلاث قرب ماء. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت
عن الكلام المباح.
وفي الليلة الثامنة عشر بعد الثلاثمائة قالت: بلغني أيها الملك
السعيد أن إن الجواري أقبلن على معن حاملات ثلاث قرب ماء فاستقاهن فأسقينه فطلب
شيئاً من غلمانه ليعطيه للجواري فلم يجد معه مالاً فدفع لكل واحدة منهن عشرة أسهم
من كنانته نصولها من الذهب فقالت إحداهن لصاحبتيها: لم تكن هذه الشمائل إلا لمعن
بن زائدة فلتقل كل واحدة منكن شيئاً من الشعر مدحاً فيه فقالت الأولى:
يركب في السهام نصول يبر | | ويرمي العدا كرماً وجـودا |
فللمرضى علاج من جراح | | وأكفان لمن سكن اللحـودا |
و قالت الثانية:
ففتحها طارق بن زياد في تلك
السنة في خلافة الوليد بن عبد الملك من بني أمية وقتل ذلك الملك أقبح قتلة ونهب
بلاده وسبى بها من النساء والغلمان وغنم أموالها ووجد فيها ذخائر عظيمة فيها ما
ينوب عن مائة وسبعين تاجاً من الدر والياقوت ووجد فيها أحجاراً نفيسة وإيواناً
ترمح فيه الخيالة برماحهم ووجد بها من أواني الذهب والفضة ولا يحيط به وصف ووجد
بها على المائدة التي كانت لنبي الله سليمان بن داود عليه السلام، وكانت على ما
ذكر من زمر أخضر. وهذه المائدة إلى الآن باقية في مدينة روما وأوانيها من الذهب
وصحافها من الزبرجد ونفيس الجواهر ووجد فيها الزبور مكتوباً بخط يوناني في ورق من
الذهب مفصص بالجواهر ووجد فيها كتاباً يذكر فيه منافع الأحجار الكريمة والبيوت
والمدائن والقرى والطلاسم وعلم الكيمياء من الذهب والفضة ووجد كتاباً آخر يحكي فيه
صناعة اليواقيت والأحجار وتركيب السموم والترياقات وصورة شكل الأرض والبحار
والبلدان والمعادن، ووجد فيها قاعة كبيرة ملآنة من الأكسير الذي الدرهم منه يقلب
ألف درهم من الفضة ذهباً خالصاً ووجد بها مرآة كبيرة مستديرة عجيبة مصنوعة من
أخلاط صنعت لنبي الله سليمان بن داود عليه السلام إذا نظر الناظر فيها رأى
الأقاليم السبعة عياناً ووجد فيها ليواناً فيه من الياقوت البهرماني ما لا يحيط به
وصف، فحمل ذلك كله إلى الوليد بن عبد الملك وتفرق العرب في مدنها وهي من أعظم
البلاد.